أنا لست ضد الألفاظ الخارجة إطلاقا.. بل إننى استخدمها فى حياتى اليومية لسب من تسول له نفسه الإساءة لى فى الشارع أو على الإنترنت مثلا،
ولست ضدها فى السينما إذا استخدمت فى إطارها الصحيح فى العمل الفنى، فسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة بجلالة قدرها كانت أول فنانة تقول: "يا ابن الكلب" فى السينما المصرية فى فيلم "الخيط الرفيع"، ولم تكن الكلمة مثيرة للإشمئزاز لأنها قيلت فى موقف درامى ولها ما يبررها فى إطار العمل الفنى.
تقييم تجربة مازالت تتكون هو محض جنون، والحكم عليها ليس أكثر من هراء يخيف ويفزع، خصوصا عند الاحتكام إلى تجارب شعوب أخرى أو عند الاحتكام لمن يطبقون شرع الله بمراهقة مخيفة، وحتى لو كانت مؤشرات هذه التجربة غير مبشرة، فالأولى هو تقويمها ونقدها، ولو كان النقد والتقويم عنيفين، لا الحكم عليها.
بلا دفاع عن السلفيين والإخوان، فلهم جحافل فى الشارع وجحافل على الإنترنت قادرة على الدفاع والصد والرد، وتستخدم البذاءة بكل ما تحمله الكلمة من معان سواء قولا أو فعلا للدفاع عن إخوانهم وسلفييهم، بل إنهم يطالبون بجلد معارضيهم! بلا ذكر للإسلاميين اصلا، لكنى ما عدت أفهم معنى أن يتلفظ المذيع التليفزيونى عمرو أديب بكلمة: "تجربتكم بنت ستين كلب" قاصدا الإخوان والسلفيين والإسلاميين عموما، رغم أن أديب هو الراعى الرسمى لحزب الكنبة المهذب الذى يستاء من وقاحة شباب الثورة عندما يتحدثون بجرأة فى وجه السلطان الجائر وهو الحزب الذى يشمئز من أسلوب خطاب الشباب لقادة الجيش والداخلية وأى قادة من أى نوع، لأنهم لا يتهذبون معهم! عمرو أديب الذى ردح لزوجة أحمد عز وقال لها: "احترمى نفسك ده مش تليفزيون جوزك"، كما امرأة تم تأجيرها للشرشحة، ثم ردح لعصام سلطان رادا عليه الكلمة بكلمتها كما "أجدعها شرشوحة فى أقلها حارة فيكى يا مصر"، هو نفسه الذى يعتبر نفسه المتحدث الرسمى باسم: "حزب الكنبة" عندما قال: أنا باتكلم بلسان اللى في البيوت.. اللى مالهمش فى السياسة.. حزب الكنبة يعنى"! على اعتبار أن حزب الكنبة "أبيح وبيحب الشرشحة مثلا، وبالمناسبة أمى من رواد حزب الكنبة ولا تحب "الشرشحة".
عظيم أن ينفعل المذيع لو كان مستقيما، ورائع أن يكون صوت المذيع عاليا حين يصدح بالحق، لكن هذا الصوت يصبح مزعجا حينما يدلس وينافق ويكذب.
عمرو أديب قال قبل الثورة نصا: "زي ما بيقولوا إن فى عهد محمد حسنى مبارك لم تغلق جريدة، أيضا فى عهده لم يتوقف برنامج توك شو ولم يقصف قلم ولم يقطع لسان".
رغم أن عمرو أديب يعلم، وهو -كما يصف نفسه- علاّمة و-كما نصفه: متنور وفاهم- يعلم أن ما يقوله هو الكذب بعينه، ففى عهد المخلوع أغلق مبارك جريدتى الدستور والشعب، وحبس الصحفيين مجدى أحمد حسين وجمال فهمى وغيرهما، بخلاف التضييق على الصحفى إبراهيم عيسى حتى إنهم أغلقوا له مشاريع صحفية تحت التاسيس، غضافة إلى تسليط "رجالتهم" من أمثال السيد البدوى شحاتة رئيس حزب الوفد لشراء جريدة الدستور فى إصدارها الثانى وإخصائها كى تصبح بلا لون ولا رائحة.
أما بعد الثورة وفى اليوم التاسع عشر أو العشرين لها، فقد قال نصا وفى تسجيل تليفزيونى: "اللي كان بيفتح بقه كانوا بيذلوا أمه.. قالك الواد ده كلب.. إزاي يتكلم عن وزير الإسكان.. يعنى إيه يتكلم عن البيه.. إحنا كنا مذلولين ولا يمكن حييجى أسوأ من اللى كنا فيه.. إحنا كنا فى عصر إسود ومهبب وكان يقول هو بنفسه: أوعوا تشغلوا الواد ده".
نصدق من الآن؟ عمرو اديب قبل الثورة أم عمرو أديب بعدها؟!
نصدق الرجل الخلوق المهذب الذى قال مع المذيعة وفاء الكيلانى: "أكيد ممكن نختلف مع الرئيس.. لكن يعنى فيه زوق فى التعامل مع هذا الرجل"، أم نصدق الرجل الذى قال للإخوان والسلفيين: "ياخى... وتجربتكم بنت ستين كلب"؟!
نصدق المذيع الثائر الذى قال بعد الثورة: الشعب ده دوكورة ورجالة.. النهاردة احنا بنحتفل بانتهاء الذل.. دول ماكانوش بيخشوا ربنا".
أم نصدق المذيع المتواطيء ليلة الخطاب الثانى للمخلوع عندما قال: " الآن حدث تاريخى حسنى مبارك يترك اسمه للتاريخ ولتنتهى الآن هذه الحركة من الشوارع وليعود الناس وتحيا مصر.. حسنى مبارك بكل حكمة قرراختيار الدولة.. لم يكن مصرى أو عربى او مواطن فى العالم يتوقع ان يحدث هذا فى مصر فى سبعة أيام.. هذا الرجل قرر أن يحافظ على هذا الوطن سواء كنتوا معه أو ضده وكل مواطن يقول للي جنبه مفيش مظاهرات من اللحظة دي"؟!
هذا المذيع الذى يتحدث بكل هذه الأريحية وبكل هذه الشجاعة وبكل هذه الثقة بعد الثورة، كان أول من طلب من الناس إنهاء الثورة بعد الخطاب الثانى للمخلوع.. هذا المذيع كان أول من طالب بفض ميدان التحرير.. من أين تأتى بكل هذه الوقاحة فى الكلام عن مصر الثورة يا سيدى؟!
ولأنك تملك من القوة والقدرة العجيبة، مما يؤهلك للرد علىّ، فلتعلم شيئا واحدا فقط.. أنا لم أقل أثناء مرض المخلوع وعلاجه فى أوروبا مثلما قلت من كلمات مازال صداها الوقح يتردد فى أذنى: "قولوا اللى انتوا عايزينه.. أنا مش باتكلم عن اللى طلعوا إشاعات.. لكن هذا الرجل لم نعرف غيره طوال التلاتين سنة اللى فاتت"! وكان يقصد إبراهيم عيسى الذى اتهم – وقتها – بقضية صحة الرئيس "على اعتبار أنه ممن طلعوا إشاعات" على المخلوع مبلغا عنه ومؤلبا الأجهزة الأمنية ضده بلا خشى ولا كسوف!
فى الوقت الذى اتهم فيه عمرو أديب عمال المحلة وأهل المحلة والإخوان فى أحداث المحلة 2008 بإشعال نار الفتنة فى مصر متحدثا عن البورصة وطالبا كلمة من أحمد عز وجمال مبارك لتهدئة الوضع، قائلا: الناس فى مصر بيحبوا الحكم -القصد كما الكلاب مثلا- مستضيفا مفيد فوزى، كان هناك شبابا أصغر وأنضج منك ومنكم جميعا، يشكلون وعيا بديلا تسخر منه أنت ومن كنت ومازلت تستضيفهم الآن.. فى مثل هذا التوقيت كانت جماعة 6 ابريل تقوّم ما اقترفته انت وأمثالك فى وعى هذا الشعب وما أحدثته من خراب فى ثقة الناس بأنفسهم.
المذيع عمرو أديب.. فى الوقت الذى كنت تكرس فيه لعصر مبارك وتمهد الطريق لجمال مبارك بكل الطرق مستغلا كل الأزمات بداية من الأزمات السياسية وانتهاءا بماتش كرة القدم بين مصر والجزائر.. كان غيرك يقبع فى السجون وكان العشرات ممن تستأسد عليهم الآن من شباب الثورة ورموزها ومن الإخوان يعتصمون ويتظاهرون لمنع سيدك المخلوع من إفساد مصر أكثر مما أفسدها وأكثر مما أفسد من نفوس أغلب من فيها إلا من رحم ربى.. أستاذ عمرو أديب.. اسمح لى بكل ما أملكه من احترام لنفسى واحترام لشرف كلمتى واحترام لقيمة أن يكون المرء ندا لخصم وقح أن اقول لك: تجربتك الإعلامية بنت ستين كلب، وهى لا تشرفك ولا تشرف حتى ابنائك.
0 التعليقات:
إرسال تعليق